(الذين قال لهم الناس) المراد بالناس هنا نعيم بن مسعود وجاز لفظ الناس عليه لكونه من جنسهم فهو من قبيل العام الذي أريد به الخاص أو من إطلاق الكل وإرادة البعض كقوله أم يحسدون الناس يعني محمداً وحده.
ونقل على القارىء أنه أسلم يوم الخندق وهو مصرح به في المواهب، وقيل المراد بالناس ركب عبد القيس الذين مروا بأبي سفيان، وقيل هم المنافقون.
والمراد بقوله (إن الناس قد جمعوا لكم) أبو سفيان وغيره من أصحابه، والعرب تسمى الجيش جمعاً (فاخشوهم) أي فخافوهم فإنه لا طاقة لكم بهم (فزادهم إيماناً) أي تصديقاً بالله ويقيناً، والمراد أنهم لم يفشلوا لما سمعوا ذلك ولا التفتوا إليه بل أخلصوا لله وازدادوا طمأنينة وقوة في دينهم وثبوتاً على نصر نبيهم، وفيه دليل أن الإيمان يزيد وينقص.
(وقالوا حسبنا الله) حسب مصدر حسبه أي كفاه وهو بمعنى الفاعل أي محسب بمعنى كاف، قال في الكشاف الدليل على أنه المحسب أنك تقول هذا رجل حسبك فتصف به النكرة لأن إضافته لكونه بمعنى اسم الفاعل غير حقيقية (ونعم الوكيل) هو من يوكل إليه الأمور أي نعم الموكول إليه أمرنا أو الكافي أو الكافل والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم الوكيل الله سبحانه.
وقد ورد في فضل هذه الكلمة أعني حسبنا الله ونعم الوكيل أحاديث منها ما أخرجه البخاري وغيره عن ابن عباس قال: قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقاله محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، قال ابن كثير بعد إخراجه: هذا