(وآمنوا بما أنزلت) يعني القرآن (مصدقاً لما معكم) أي لما في التوراة من التوحيد والنبوة والأخبار ونعت النبي - صلى الله عليه وسلم - (ولا تكونوا أول كافر به) المراد أهل الكتاب لأنهم العارفون بما يجب للأنبياء وما يلزم من التصديق، أي لا تكونوا يا معشر اليهود أول كافر بهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كونكم قد وجدتموه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل، مبشراً به في الكتب المنزلة عليكم.
وقد حكى الرازي في تفسيره في هذا الوضع ما وقف عليه من البشارات برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتب السابقة، وقيل الضمير في " به " عائد إلى القرآن المدلول عليه بقوله " بما أنزلت " وقيل عائد إلى التوراة المدلول عليها بقوله لما معكم، والخطاب لجماعة، والكافر لفظه واحد وهو في معنى الجمع أي أول الكفار أو أول فريق كافر، ومفهوم الصفة غير مراد هنا فلا يرد أن المعنى بل آخر كافر، وإنما ذكرت الأولية لأنها أفحش لما فيها من الابتداء بالكفر، بل يجب أن تكونوا أول فريق مؤمن به لأنكم أهل نظر في معجزاته والعلم بشأنه وصفاته.
(ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً) أي لا تستبدلوا ببيان صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي في التوراة عوضاً يسيراً من الدنيا لأن الدنيا بالنسبة إلى الآخرة كالشيء اليسير الحقير الذي لا قيمة له والذي كانوا يأخذونه من الدنيا كالشيء اليسير بالنسبة إلى جميعها فهو قليل القليل، وهذه الآية وإن كانت خطاباً لبني اسرائيل ونهياً لهم، فهي متناولة لهذه الأمة بفحوى الخطاب أو بلحنه، فمن أخذ من المسلمين رشوة على إبطال حق أمر الله به أو إثبات باطل نهى الله عنه، أو