(أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)؟ الإشارة إلى القرآن المنعوت بالنعوت السابقة، والمدهن والمداهن المنافق، كذا قال الزجاج وغيره وقال عطاء وغيره: هو الكذاب، وقال مقاتل بن سليمان وقتادة: مدهنون كافرون كما في قوله (ودوا لو تدهن فيدهنون) وقال ابن عباس: مدهنون مكذبون، وقال الضحاك: مدهنون معرضون وقال مجاهد: ممالئون الكفار على الكفر وقال ابن كيسان: المدهن الذي لا يعقل حق الله عليه، ويدفعه بالعلل والأول أولى، لأن أصل المدهن الذي ظاهره خلاف باطنه، كأنه يشبه الدهن في سهولته، قال المؤرج: المدهن المنافق الذي يلين جانبه ليخفي كفره، والإدهان والمداهنة التكذيب والكفر والنفاق، وأصله اللين، وأن يسر خلاف ما يظهر وقال في الكشاف: مدهنون متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه، تهاوناً به انتهى.
قال الراغب: والادهان في الأصل مثل التدهين، لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجد كما جعل التقريد، وهو نزع القراد عبارة عن ذلك، قلت: سميت المداراة والملاينة مداهنة، وهذا استعارة ومجاز معروف ولشهرته صار حقيقة عوفية لذا جُوِّزَ به هنا من التهاون أيضاً لأن المتهاون بالأمر لا يتصلب فيه، وقال بعض اللغويين تاركون للحزم في قبول القرآن.