للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)

(ومن يقتل مؤمناً متعمداً) أى قاصداً لقتله، لما بين سبحانه حكم القاتل خطأ بين حكم القاتل عمداً، وقد اختلف العلماء في معنى العمد فقال عطاء والنخعي وغيرهما: هو القتل بحديدة كالسيف والخنجر وسنان الرمح ونحو ذلك من المحدود، أو بما يعلم أن فيه الموت من ثقال الحجارة ونحوها (١).

وقال الجمهور: إنه كل قتل من قاتل قاصد للفعل بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بغير ذلك، وقيده بعض أهل العلم بأن يكون بما يقتل مثله في العادة.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عمد وشبه عمد وخطأ، واستدلوا على ذلك بأدلة ليس هذا مقام بسطها.

وذهب آخرون إلى أنه ينقسم إلى قسمين عمد وخطأ، ولا ثالث لهما، واستدلوا بأنه ليس في القرآن إلا القسمان، ويجاب عن ذلك بأن اقتصار القرآن على القسمين لا ينفي ثبوت قسم ثالث بالسنة وقد ثبت ذلك بالسنة.

(فجزاؤه جهنم خالداً فيها) أي فجُعل جزاؤه ذلك بكفره وارتداده أو حكم عليه بها، وهو الذي استثناه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة عمّن أمّنه من أهلها فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة (وغضب الله عليه) لأجل كفره وقتله المؤمن متعمداً (ولعنه) طرده عن رحمته (وأعد له عذاباً عظيماً) في النار.

وقد جاءت هذه الآية بتغليظ عقوبة القاتل عمداً فجمع الله له فيها بين كون جهنم جزاء له أي يستحقها بسبب هذا الذنب، وبين كونه خالداً فيها،


(١) زاد المسير ٢/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>