(قال رب إني ظلمت نفسي) بقتل القبطي من غير أمر (فاغفر لي فغفر) الله (له) ذلك؛ وعلم أنه غفر له بإلهام أو بغيره، ولا يلزم من هذا نبوته في هذا الوقت (إنه هو الغفور) بإقالة الزلل (الرحيم) بإزالة الخلل المتصف بهما في الأبد والأزل.
ووجه استغفاره أنه لم يكن لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وقيل: إنه طلب المغفرة من تركه للأولى كما هو سنة المرسلين، أو أراد أني ظلمت نفسي بقتل هذا الكافر، لأن فرعون لو يعرف ذلك لقتلني به؛ وقيل: معنى فاغفر لي استر ذلك علي لا يطلع عليه فرعون، وهذا خلاف الظاهر، فإن موسى عليه السلام ما زال نادماً على ذلك خائفاً من العقوبة بسببه حتى إنه يوم القيامة عند طلب الناس الشفاعة منه يقول: إني قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها، كما ثبت ذلك في حديث الشفاعة الصحيح.
وقد قيل: إن هذا كان قبل النبوة، وقيل كان قبل بلوغه سن التكليف، وأنه كان إذ ذاك في اثنتي عشرة سنة: وكل هذه التأويلات البعيدة محافظة على ما تقرر من عصمة الأنبياء ولا شك أنهم معصومون عن الكبائر