(ليسوا سواء) أي هم غير مستوين بل مختلفون، والجملة مستأنفة سيقت لبيان التفاوت بين أهل الكتاب، وقوله (من أهل الكتاب أمة قائمة) هو استئناف أيضاً يتضمن بيان الجهة التي تفاوتوا فيها من كون بعضهم أمة قائمة إلى قوله (من الصالحين).
قال الأخفش: التقدير من أهل الكتاب ذو أمة أي ذو طريقة حسنة، وبه قال الزجاج، وقيل في الكلام حذف والتقدير من أهل الكتاب أمة قائمة وأخرى غير قائمة فترك الأخرى اكتفاء بالأولى، وقال الفراء التقدير ليس تستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة، وقال النحاس: هذا القول خطأ انتهى.
وعندي أن ما قاله الفراء قوي قويم، وحاصله أن معنى الآية لا تستوي أمة من أهل الكتاب شأنها كذا وأمة أخرى شأنها كذا، والقائمة المستقيمة العادلة من قولهم أقمت العود فقام أي استقام، عن ابن عباس يقول: مهتدية قائمة من أمر الله لم تنزع عنه ولم تتركه كما تركه الآخرون وضيعوه، وقيل قائمة على كتاب الله وحدوده، وقيل قائمة في الصلاة.
(يتلون آيات الله) أي يقرؤن كتابه (آناء الليل) أي ساعاته، وقال ابن عباس جوف الليل، واحدها أنى بفتح الهمزة والنون بزنة عصا أو إني بكسر الهمزة وفتح النون بوزن معي أو أنى بالفتح والسكون بوزن ظبي، أو أني بوزن حمل أو أنو بزنة جرو، وكل واحد من هذه المفردات الخمس يطلق على الساعة من الزمان كما يؤخذ من القاموس.