(وإذ قلتم) أي اذكروا يا بني إسرائيل إذ قال أسلافكم، وهذا تذكير لجناية أخرى صدرت منهم وإسناد الفعل إلى فروعهم وتوجيه التوبيخ إليهم لما بينهم وبين أصولهم من الأتحاد.
(يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) هذا تضجر منهم بما صاروا فيه من النعمة والرزق الطيب، والعيش المستلذ، ونزوع ما ألفوه قبل ذلك من خشونة العيش، ويحتمل أن لا يكون هذا منهم تشوقاً إلى ما كانوا فيه وبطراً لما صاروا إليه من المعيشة الرافهة بل هو باب من تعنتهم وشعبة من شعب تعجرفهم كما هو دأبهم وهجيرهم في غالب ما قص علينا من أخبارهم.
وقال الحسن البصري أنهم كانوا أهل كراث وأبصال وأعداس فنزعوا إلى مكرهم مكر السوء، واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عليه عادتهم فقالوا لن نصبر على طعام واحد أي نوع منه والمراد بالطعام الواحد هو المن والسلوى، وهما وإن كانا طعامين لكن لما كانوا يأكلون أحدهما بالآخر جعلوهما طعاماً واحداً وقيل لتكررهما في كل يوم وعدم وجود غيرهما معهما ولا تبدلة بهما، والبقل كل نبات ليس له ساق والشجر ماله ساق.
وقال في الكشاف البقل ما أنبتته الأرض من الخضر والمراد به أطائب