(ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) وهو عذاب الدنيا، قال الحسن، وأبو العالية، والضحاك، والنخعي: هو مصائب الدنيا وأسقامها، وقيل:
الحدود، وقيل: القتل بالسيف يوم بدر، وقيل: سني الجوع بمكة سبع سنين، حتى أكلوا فيها الجيف والعظام، والكلاب. وقيل عذاب القبر. ولا مانع من الحمل على الجميع، والذوق حسي ومعنوي.
(دون العذاب الأكبر) وهو عذاب الآخرة (لعلهم يرجعون) مما هم فيه من الشرك والمعاصي بسبب ما ينزل بهم من العذاب، إلى الإيمان والطاعة ويتوبون عما كانوا فيه، وفي هذا التعليل دليل على ضعف قول من قال: إن العذاب الأدنى هو عذاب القبر، قال ابن مسعود: العذاب الأدنى يوم بدر، والعذاب الأكبر يوم القيامة، لعل من بقي منهم أن يتوب فيرجع، وعنه قال: العذاب الأدنى سنون أصابتهم لعلهم يتوبون، وقال أُبي بن كعب العذاب الأدنى مصائب الدنيا، والروم والبطشة والدخان، وعنه قال: يوم بدر، وقال ابن عباس: الحدود. قال الكرخي: وفي هذا الترجي وجهان: أحدهما معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين، كقوله: إنا نسيناكم يعني تركناكم كما يترك الناسي، حيث لا يلتفت إليه أصلاً فكذلك ههنا. والثاني نذيقهم العذاب إذاقة -يقول القائل إذا رآهم- لعلهم يرجعون بسببه انتهى.