(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) هذه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من تعداد مساوئ اليهود وهناتهم، ودخول لام القسم عليها يزيدها تأكيداً وتقريراً، وقال ابن عطية: اللام للابتداء وليس بشيء، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يصلح له كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز، والمعنى أن اليهود والمشركين لعنهم الله أشد جميع الناس عداوة للمؤمنين وأصلبهم في ذلك.
(ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) أي أن النصارى أقرب الناس مودة للمؤمنين وصفهم بلين العريكة وسهولة قبولهم الحق، قيل مذهب اليهود أنه يجب عليهم إيصال الشر والأذى إلى من خالفهم في الدين بأي طريق كان مثل القتل ونهب المال أو بأنواع المكر والكيد والحيل، ومذهب النصارى خلاف اليهود فإن الإيذاء في مذهبهم حرام، فحصل الفرق بينهما.
وقيل: إن اليهود مخصوصون بالحرص الشديد على الدنيا وطلب الرياسة، ومن كان كذلك كان شديد العداوة للغير، وفي النصارى من هو معرض عن الدنيا ولذاتها وترك طلب الرياسة، ومن كان كذلك فإنه لا يحسد أحداً ولا يعاديه بل يكون لين العريكة في طلب الحق والأول أولى.
وقال مجاهد: هم الوفد الذين جاؤوا مع جعفر وأصحابه من أرض الحبشة، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما خلا يهودي بمسلم إلا هم بقتله وفي لفظ إلا حدث نفسه بقتله " رواه أبو الشيخ قال ابن كثير وهو غريب جداً.