(وإذا أذقنا الناس) أي كفار مكة وغيرهم (رحمة) أي خصباً ومطراً؛ ونعمة وسعة وصحة وعافية (فرحوا بها) فرح بطر وأشر، لا فرح شكر بها وابتهاج بوصولها إليهم، كما دل عليه قوله:(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) ثم قال سبحانه:
(وإن تصيبهم سيئة) أي بلاء من جدب، أو ضيق، أو مرض أو شدة على أي صفة (بما قدمت أيديهم) أي بسبب شؤم ذنوبهم (إذا هم يقنطون) القنوط الإياس من الرحمة، كذا قال الجمهور؛ وقال الحسن: القنوط ترك فرائض الله سبحانه؛ وقرئ يقنطون بفتح النون وبكسرها؛ وهما سبعيتان، وبابه ضرب وتعب؛ والمعنى إذا هم ييأسون، وهذا خلاف وصف المؤمنين؛ فإن من شأنهم أن يشكروا عند النعمة؛ ويرجوا ربهم عند الشدة أو يقال: الدعاء اللساني بناء على مجرد العادة لا ينافي القنوط القلبي، وقد يشاهد مثل ذلك في كثير من الناس، فلا يخالف هذا قوله:(دعوا ربهم منيبين إليه) أو المراد يفعلون فعل القانطين، كالاهتمام بجمع الذخائر أيام الغلاء، قاله الكرخي.