(واستعينوا بالصبر والصلاة) قيل إن المخاطبين بهذا هم المؤمنون وقيل اليهود لما عاقهم عن الإيمان الشره وحب الرياسة فأمروا بالصبر، وهو الصوم لأنه يكسر الشهوة، والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر، وأفرد الصلاة بالذى تعظيماً لشأنها، والمعنى استعينوا على حوائجكم إلى الله وقيل على ما يشغلكم من أنواع البلايا، وقيل على طلب الآخرة بالصبر.
والصبر في اللغة الحبس والمراد هنا استعينوا بحبس أنفسكم عن الشهوات وقصرها على الطاعات، على دفع ما يرد عليكم من المكروهات، وقيل الصبر هنا هو خاص بالصبر على تكاليف الصلاة وأداء الفرائض، واستدل هذا القائل بقوله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) وليس في هذا الصبر الخاص بهذه الآية ما ينفي ما يفيده الألف واللام الداخلة على الصبر من الشمول، كما أن المراد بالصلاة هنا جميع ما يصدق عليه الصلاة الشرعية من غير فرق بين فريضة ونافلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وعن ابن عباس أنه نعى له أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فصلى ركعتين أطال فيهما السجود ثم قام إلى راحلته وهو يقول (واستعينوا بالصبر والصلاة) وقد وردت أحاديث كثيرة في مدح الصبر والترغيب فيه والجزاء للصابرين، ولم نذكرها ههنا لأنها ليست بخاصة بهذه الآية، بل هي واردة في مطلق الصبر، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور ههنا