(فذوقوا) أي: العذاب، والفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما قبله، أي فإذا دخلوا النار، قالت لهم الخزنة: ذوقوا؛ قاله مقاتل واستعار الذوق للإِحساس، وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعوماً لإِحساسها به كإحساس الذائقة بذوق المطعوم.
(بما نسيتم لقاء يومكم) الباء للسببية، وفيه إشعار بأن تعذيبهم ليس لمجرد سبق القول المتقدم، بل بذاك واختلف في النسيان المذكور ههنا، فقيل: هو النسيان الحقيقي، وهو الذي يزول عنده الذكر.
وقيل هو الترك، قاله الضحاك، ويحيى بن سلام. والمعنى على الأول أنهم لم يعملوا لذلك اليوم فكانوا كالناسين له، وعلى الثاني لا بد من تقدير مضاف قبل اللقاء أي: فذوقوا بسبب ترككم لما أمرتكم به كذاب لقاء يومكم هذا، ورجح الثاني المبرد، قال الرازي في تفسيره: إن اسم الإشارة في قوله (هذا) يحتمل ثلاثة أوجه: أن يكون إشارة إلى اللقاء، وأن يكون إلى اليوم، وأن يكون إلى العذاب.
(إنا نسيناكم) أي تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم كما يفعل الناس قطعاً لرجائكم قال يحيى: المعنى نسيناكم بما تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم، تركناكم من الخير، وكذا قال السدي، وقال مجاهد: تركناكم في العذاب.
(وذوقوا) تكرير هذا للتأكيد والتشديد، ولتبيين المفعول المطوي للذوق وللإِشعار بأن سببه ليس مجرد النسيان، بل له أسباب أخر من فنون الكفر والمعاصي، التي كانوا مستمرين عليها في الدنيا (عذاب الخلد) أي الدائم الذي لا انقطاع له (بما كنتم تعملون) في الدنيا من الكفر والمعاصي، والتكذيب.