(قال الملأ الذين استكبروا) أي الأشراف المستكبرون عن الإيمان (من قومه) استئناف بياني كأنه قيل فماذا قالوا بعد سماعهم هذه المواعظ من شعيب (لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) لم يكتفوا بترك الإيمان والتمرد عن الإجابة إلى ما دعاهم اليه، بل جاوزوا ذلك بغياً وبطراً وأشراً إلى توعد نبيهم ومن آمن به بالإخراج من قريتهم أو عودهم في ملتهم الكفرية أي لا بد من أحد الأمرين إما الإخراج أو العود.
ومقصودهم الأصلي هو العود، وإنما ذكر النفي والإجلاء لمحض القسر والإلجاء كما يفصح عنه عدم تعرضه لجواب الإخراج على ما هو ظاهر النظم، وتوسيط النداء باسمه العلمي بين المعطوفين لزيادة التقرير والتهديد الناشئة عن غاية الوقاحة والطغيان أي والله لنخرجنك وأتباعك، وإنما لم يقولوا أو لنعيدنكم على طريقة ما قبله لما أن مرادهم العود بطريق الاختيار وصورة الطواعية.
وكلمة " عاد " لها في لسانهم استعمالان (أحدهما) وهو الأصل أنه الرجوع إلى ما كان عليه من الحال الأول (والثاني) استعمالها بمعنى صار، قال السمين: واستشكلوا على كونها بمعناها الأصلي أن شعيباً لم يكن قط على دينهم ولا في ملتهم فكيف يحسن أن يقال أو لتعودن أي ترجعن إلى حالتكم الأولى والخطاب له ولأتباعه.
وقد أجيب عن ذلك بثلاثة أوجه (أحدها) أن هذا القول من رؤسائهم قصدوا به التلبيس على العوام والإيهام لهم أنه كان على دينهم وعلى ملتهم.
الثاني: أن يراد بعوده رجوعه إلى حاله قبل بعثته من السكوت لأنه قبل