(إن تصبك حسنة تسؤهم) أي حسنة كانت بأي سبب اتفق كما يفيده وقوعها في حيز الشرط وكذلك القول في المصيبة وتدخل الحسنة والمصيبة الكائنة في القتال كما يفيده السياق دخولاً أولياً.
فمن جملة ما يصدق عليه الحسنة الغنيمة والظفر، ومن جملة ما يصدق عليه المصيبة الخيبة والانهزام، وهذا ذكر نوع آخر من خبث ضمائر المنافقين وسوء أفعالهم والإخبار بعظم عدواتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين، فإن المساءة بالحسنة، والفرح بالمصيبة من أعظم ما يدل على أنهم قد بلغوا في العداوة إلى الغاية.
(وإن تصبك مصيبة) أي هزيمة أو شدة كما تقدم، وقابل الله هنا الحسنة بالمصيبة ولم يقابلها بالسيئة كما قال في سورة آل عمران (وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) لأن الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم وهي في حقه مصيبة يثاب عليها لا سيئة يعاتب عليها، والتي هناك خطاب للمؤمنين. قاله الشهاب.
(يقولوا) أي المنافقون حامدين لرأيهم (قد أخذنا أمرنا من قبل) أي احتطنا لأنفسنا وأخذنا بالحزم واعتزلنا عنهم، وقعدنا عن الحرب، فلم نخرج للقتال كما خرج المؤمنون حتى نالهم ما نالهم من المصيبة (ويتولوا وهم فرحون) أي رجعوا إلى أهلهم عن مقامات الاجتماع ومواطن التحدث حال كونهم فرحين بالصيبة التي أصابت المؤمنين وبما صنعوا من أخذ الأمر، وبما أصابه صلى الله عليه وآله وسلم، والجملة حال من الضمير في يقولوا ويتولوا لا من الأخير فقط لمقارنة الفرح ما معاً.