(ومصدقاً) أي وجئتكم مصدقاً (لما بين يديّ من التوراة) وذلك لأن الأنبياء يصدق بعضهم بعضاً وبين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة وخمس وسبعون سنة (ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم) أي لأجل أحل لكم بعض الذي حرم عليكم من الأطعمة في التوراة كالشحوم وكل ذي ظفر كما في قوله تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) الآية، وقوله (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) وقيل إنما أحل لهم ما حرمته عليهم الأحبار ولم تحرمه التوراة.
وقال أبو عبيدة يجوز أن يكون بعض بمعنى كل، قال القرطبي: وهذا القول غلط عند أهل النظر من أهل اللغة لأن البعض والجزء لا يكونان بمعنى الكل، ولأن عيسى لم يحلل لهم جميع ما حرمته عليهم التوراة فإنه لم يحلل القتل ولا السرقة ولا الفاحشة وغير ذلك من المحرمات الثابتة في الإنجيل مع كونها ثابتة في التوراة وهي كثيرة يعرف ذلك من يعرف الكتابين.
ولكنه قد يقع البعض موقع الكل مع القرينة، وعن وهب أن عيسى كان على شريعة موسى وكان يسبت ويستقبل بيت المقدس. وقال لبني إسرائيل إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في التوراة إلا لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وأضع عنكم الآصار.