(الله الذي خلق) أي أوجد وأبدع (السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام) على التوزيع كما يأتي في سورة فصلت، وقد تقدم تفسير هذه الآية في الأعراف وغيرها، والمراد من ذكرها هنا تعريفهم كمال قدرته، وعظيم صنعه ليسمعوا القرآن ويتأملوه. قال الحسن الأيام هنا هي من أيام الدنيا، وقيل: مقدار اليوم ألف سنة من سني الدنيا، قاله الضحاك، فعلى هذا المراد بالأيام هنا هي من أيام الآخرة لا من أيام الدنيا، وليست ثم للترتيب في قوله:
(ثم استوى على العرش) بل بمعنى الواو، والعرش في اللغة سرير الملك والمراد به هنا الجسم النوراني المحيط بالعالم كله، وهذا الاستواء في سبع مواضع من القرآن الكريم والأصل الراجح أن نعتقد ما ورد به القرآن ولا نؤوله ولا نصرفه عن وجهه وهو نص وظاهر في أن الله تعالى فوق العرش بائن من خلقه بالمعنى الذي يليق بجنابه الأقدس الأعلى وتأويله إخراج النص أو الظاهر عن معناه وهذا لا يجوز قطعاً إلا عند وجود ما يساويه أو يتقدم عليه ويعارضه ودونه خرط القتاد.
وقد اختلف الناس في هذا على أربعة عشر قولاً: أولاها بالصواب مذهب سلف الأمة وأئمتها، أنه استوى عليه بلا كيف، مع تنزيهه عما لا يجوز عليه، والآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة جداً، وهي تغني عن غيرها. وردَّت الجهمية هذه الصفة الثابتة له سبحانه، وتبعها المعتزلة، ورد عليهم الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين بثمانية عشر وجهاً،