(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) لما فرغ سبحانه من إرشاد عباده إلى ذكره وشكره عقب ذلك بإرشادهم إلى الاستعانة بالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس، وبالصلاة التي هي عماد الدين ومعراج المؤمنين، فإن من جمع بين ذكر الله وشكره واستعان بالصبر والصلاة على تأدية ما أمر الله به، ودفع ما يرد عليه من المحن فقد هدي إلى الصواب، ووفق للخير، ومن الناس من حمل الصبر على الصوم وفسره به، ومنهم من حمله على الجهاد ولا وجه لتخصيص نوع دون نوع، والصبر حبس النفس على احتمال المكاره في ذات الله، وتوطينها على تحمل المشاق في العبادات وسائر الطاعات، وتجنب الجزع والمحظورات، والمعنى استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض وبالصلوات الخمس على تمحيص الذنوب، وخصها بالذكر لتكررها وعظمها لأنها أم العبادات ومناجاة رب الكائنات.
(إن الله مع الصابرين) أي بالعون والنصر وإجابة الدعوة، وهذه المعية التي أوضحها الله فيها أعظم ترغيب لعباده سبحانه إلى لزوم الصبر على ما ينوب من الخطوب فمن كان الله معه لم يخش من الأهوال، وإن كانت كالجبال، وهذه المعية خاصة بالمتقين والمحسنين والصابرين، وأما المعية بالعلم والقدرة فهي عامة في حق كل أحد، والجملة تعليل لما قبلها من الاستعانة بالصبر خاصة كما قال أبو السعود أو بالصبر والصلاة كما قال الكرخي.