(ثم إن علينا بيانه) أي تفسير ما فيه من الحلال والحرام وبيان ما أشكل من معانيه. قال الزجاج: المعنى أن علينا أن ننزله عليك قرآناً عربياً فقه بيان للناس، وقيل المعنى أن علينا أن نبينه بلسانك، وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وهو اعتراض بما يؤكد التوبيخ على حب العجلة لأن العجلة إذا كانت مذمومة فيما هو أهم الأمور وأصل الدين فكيف بها في غيره.
والمناسبة بين هذه الآية وما قبلها أن تلك تضمنت الإعراض عن آيات الله، وهذه تضمنت المبادرة إليها بحفظها.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتفلت منه، يريد أن يحفظه فأنزل الله (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١) يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه فإذا قرأناه يقول إذا أنزلناه عليك فاتبع قرآنه فاستمع له وأنصت، ثم إن علينا بيانه أن نبينه بلسانك، وفي لفظ علينا أن نقرأه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق، وفي لفظ استمع، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله.
(١) رواه الإمام أحمد في " المسند " من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، والبخاري ٨/ ٣٢٥ ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وذكره السيوطي في " الدر " ٦/ ٢١٩ وزاد نسبته للطيالسي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في " المصاحف " والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم والبيهقي معاً في " الدلائل " عن ابن عباس رضي الله عنهما.