(داود وسليمان) أي قصتهما (إذ يحكمان) أي وقت حكمهما، والمراد من ذكرهما ذكر خبرهما (في) شأن (الحرث) قيل كان زرعاً وهو أشبه بالعرف، وقيل كرماً وعليه أكثر المفسرين، وبه قال ابن عباس واسم الحرث يطلق عليهما، قال مرة: كان الحرث تبناً.
(إذ نفشت) قال ابن السكيت: النفش بالتحريك أن تنشر الغنم بالليل من غير راع أي تفرقت وانتشرت، ورعت بأن انفلتت (فيه غنم القوم) أي غنم بعض القوم من أمة داوود (وكنا لحكمهم) أي لحكم الحاكمين، وفيه جواز إطلاق الجمع على الاثنين، وهو مذهب طائفة من أهل العربية كالزمخشري والرضي وتقدمهما إلى القول به الفراء، وإنما وقع الجمع موقع التثنية مجازاً أو لأن التثنية جمع وأقل الجمع اثنان وتدل عليه قراءة لحكمهما.
وقيل المراد الحاكمان والمحكوم عليه فهؤلاء جماعة وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز، فإن الحقيقة إضافة المصدر لفاعله، والمجاز إضافته لمفعوله، ومعنى (شاهدين) حاضرين، والجملة اعتراضية.
وقد روى البيهقي في سننه عن ابن مسعود، ولفظه قال: كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم؛ فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله، قال: وما ذاك؟ قال: يدفع الكرم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان، دفعت الكرم إلى صاحبه والغنم إلى صاحبها فذلك قوله.