(إنا أرسلناك بالحق) أي بالصدق وقال ابن عباس: بالقرآن وقيل بالإسلام وقيل معناه لم نرسلك عبثاً بل أرسلناك بالحق (بشيراً) أي مبشراً لأوليائي وأهل طاعتي بالثواب العظيم (ونذيراً) أي منذراً ومخوفاً لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم (ولا تسئل عن أصحاب الجحيم) قرأ الجمهور بالرفع مبنياً للمجهول أي حال كونك غير مسئول، وقريء بالرفع مبنياً للمعلوم، قال الأخفش: ويكون في موضع الحال عطفاً على بشيراً ونذيراً أي حال كونك غير سائل عنهم لأن علم الله بكفرهم بعد إنذارهم يغني عن سؤاله عنهم، وقرأ نافع ولا تسأل بالجزم، والمعنى ولا يصدر منك السؤال عن هؤلاء وعمن مات منهم على كفره ومعصيته تعظيماً لحاله وتغليظاً لشأنه، أي إن هذا أمر فظيع وخطب شنيع، يتعاظم المتكلم أن يجري على لسانه، ويتعاظم السمع أن يسمعه وفي القاموس الجحيم النار الشديدة التأجج وكل نار بعضها فوق بعض، والجحيم ما عظم من النار، قاله أبو مالك، والمعنى لا تسأل عن حالهم التي تكون لهم في القيامة فإنها شنيعة ولا يمكنك في هذه الدار الإطلاع عليها وهذا فيه تخويف لهم وتسلية له صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد ابن كعب القرظي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليت شعري ما فعل أبواي " فنزلت هذه الآية فما ذكرهما حتى توفاه الله، قال السيوطي هذا مرسل ضعيف الإسناد ثم رواه من طريق ابن جرير عن داود بن أبي عاصم مرفوعاً وقال هو معضل الإسناد لا تقوم به ولا بالذي قبله حجة.