(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم) ذكر أن هؤلاء المعتذرين بالباطل سيؤكدون ما جاءوا به من الأعذار الباطلة بالحلف عند رجوع المؤمنين إليهم من الغزو، وغرضهم من هذا التأكيد (لتعرضوا عنهم) أي يعرض المؤمنون عنهم فلا يوبخونهم ولا يؤاخذونهم بالتخلف ويظهرون الرضا عنهم كما يفيده ذكر الرضا من بعد، وحذف المحلوف عليه لكون الكلام يدل عليه، وهو اعتذارهم الباطل.
(فأعرضوا عنهم) أي دعوهم وما اختاروا لأنفسهم، والمراد به تركهم والمهاجرة لهم لا الرضا عنهم والصفح عن ذنبهم كما تفيده جملة (إنهم رجس) الواقعة علة للأمر بالإعراض، والمعنى أنهم في أنفسهم رجس لكون جميع أعمالهم نجسة فكأنها قد صيرت ذواتهم رجساً أو أنهم ذوو رجس أي ذوو أعمال قبيحة، ومثله (إنما المشركون نجس).
وهؤلاء لما كانوا هكذا كانوا غير متأهلين لقبول الإرشاد إلى الخير والتحذير من الشر فليس لهم إلا الترك، قال أهل المعاني: إن هؤلاء طلبوا إعراض الصفح فأعطوا إعراض المقت.
(ومأواهم جهنم) ومن تمام التعليل فإن من كان من أهل النار لا يجدي فيه الدعاء إلى الخير، أو تعليل مستقل قاله أبو السعود، والمأوى كل مكان يأوي إليه الشيء ليلاً أو نهاراً، وقد أوى فلان إلى منزله يأوي (جزاء) أي يجزون جزاء أو مفعول من أجله (بما كانوا يكسبون) الباء للسببية.