ثم قال مخاطباً لرسوله ومسلياً له ومرشداً له إلى ما يقوله عند أن يعصى (فإن تولوا أي أعرضوا عنك ولم يعملوا بما جئت به ولا قبلوه (فقل) يا محمد (حسبي) أي كافي (الله) سبحانه (لا إله إلا الله) أي المتفرد بالألوهية وهذه الجملة الحالية كالدليل لما قبلها (عليه توكلت) أي فوضت جميع أموري إليه لا إلى غيره (وهو رب العرش العظيم) وصفه بالعظيم لأنه أعظم المخلوقات قرأ الجمهور بالجر على أنه صفة العرش وقرئ بالرفع صفة لرب، ورويت هذه القراءة عن ابن كثير. قال أبو بكر الأصم: وهذه القراءة أعجب إليّ لأن جعل العظيم صفة للرب أولى من جعله صفة للعرش.
قال ابن عباس: إنما سمي العرش عرشاً لارتفاعه، وقد رويت أحاديث كثيرة في صفة العرش وماهيته وقدره، وقال السيوطي الكرسي، قال الصاوي: قوله الكرسي مرور على القول باتحاد العرش مع الكرسي، وهو خلاف الصحيح أن العرش غير الكرسي. اهـ
وعبارة الخازن اعترض بعضهم على هذا التفسير بأن العرش غير الكرسي وأن الكرسي أصغر من العرش فكيف يفسر به وهو مدفوع بأن المسألة خلافية والمشهور ما سمعته؛ وقيل إنهما اسمان لشيء واحد فالعرش والكرسي معناهما الجسم العظيم المحيط بجميع المخلوقات المسمى بالعرش على القول المشهور. أ. هـ.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن آخر ما نزل هاتان الآيتان. ذكره القاضي والمفتي وغيرهما. قال السيوطي رواه الحاكم في المستدرك وقال الخفاجي أخرجه أحمد بن حنبل.