(سيقولون) هؤلاء القائلون بأنهم ثلاثة أو خمسة أو سبعة وهم المتنازعون في عددهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب والمسلمين، وقيل هم أهل الكتاب خاصة، قال السدي: هم اليهود، وعلى كل تقدير فليس المراد أنهم جميعاً قالوا جميع ذلك بل قال بعضهم بكذا وبعضهم بكذا.
قيل إنما أتى بالسين في هذا لأن في الكلام طياً وإدماجاً تقديره فإذا أجبتهم عن سؤالهم عن قصة أهل الكهف فسلهم عن عددهم فإنهم ليقولون، ولم يأت بها في باقي الأفعال لأنها معطوفة على ما فيه السين فأعطيت حكمه من الاستقبال، والمعنى يقولون لك يا محمد ويخبرونك على ثلاثة أقوال: الأولان: للنصارى. والثالث: للمؤمنين.
(ثلاثة رابعهم كلبهم) أي هم ثلاثة أشخاص حال كون كلبهم جاعلهم أربعة بانضمامه إليهم (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) الكلام فيه كالكلام فيما قبله قاله السدي: هم النصارى، وقيل اليهود كما في البيضاوي.
قال أبو علي الفارسي: قوله رابعهم كلبهم وسادسهم كلبهم جملتان استغني عن حرف العطف فيهما بما تضمنتا من ذكر الجملة الأولى وهي قوله ثلاثة والتقدير هم ثلاثة. هكذا حكاه الواحدي.
(رجماً بالغيب) أي راجمين أو يرجمون رجماً والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين ودليل ولا برهان كما قاله الطيبي وغيره والموصوفون بالرجم بالغيب هم كلا الفريقين القائلون بأنهم ثلاثة والقائلون بأنهم خمسة، قال قتادة: رجماً قذفاً بالظن، ولم يقل هذا في السبعة وتخصيص الشيء بالوصف يدل على أن الحال في الباقي بخلافه، والرجم بمعنى الرمي وهو استعارة للتكلم بما لم يطلع عليه لخفائه عنه تشبيهاً له بالرمي بالحجارة التي لا تصيب غرضاً والباء فيه للتعدية على تشبيه الظن بالحجر الرمي على طريق الكناية.