(الشيطان يعدكم الفقر) قد تقدم معنى الشيطان واشتقاقه، ويعدكم معناه يخوفكم بالفقر لئلا تنفقوا، فهذه الآية متصلة بما قبلها وقرىء الفقر بضم الفاء وهي غلة، قال الجوهري: والفقر لغة في الفقر مثل الضعف والضعف (ويأمركم بالفحشاء) أي الخصلة الفحشاء وهي المعاصي والإنفاق فيها، والبخل عن الإنفاق في الطاعات، قال في الكشاف: والفاحش عند العرب البخيل انتهى.
ولكن العرب وإن أطلقته على البخيل فذلك لا ينافي إطلاقهم على غيره من المعاصي، وقد وقع كثيراً في كلامهم، والمعنى يحسن لكم البخل ومنع الزكاة والصدقة، قال الكلبي: كل فحشاء في القرآن فالمراد به الزنا إلا هذا الموضع.
(والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً) بسبب الإنفاق كقوله (إن الحسنات يذهبن السيئآت) وقوله (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) والوعد في كلام العرب إذا أطلق فهو في الخير، وإذا قيد فقد يقيد تارة بالخير وتارة بالشر، ومنه قوله تعالى (النار وعدها الله الذين كفروا) ومنه أيضاً ما في هذه الآية من تقييد وعد الشيطان بالفقر وتقييد وعد الله سبحانه بالمغفرة والفضل.
والمغفرة الستر على عباده في الدنيا والآخرة لذنوبهم وكفارتها، والفضل أن يخلف عليهم أفضل مما أنفقوا فيوسع لهم في أرزاقهم وينعم عليهم في الآخرة بما هو أفضل وأكثر وأجل وأجمل.
(والله واسع) أي غني قادر على إغنائكم وإخلاف ما تنفقونه (عليم) بإنفاقكم لا تخفى عليه خافية.