للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)

(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) قد تقدم معنى (كتب) ولا خلاف بين المسلمين أجمعين أن صوم رمضان فريضة افترضها الله سبحانه على هذه الأمة، والصيام أصله في اللغة الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال، ويقال للصمت صوم، لأنه إمساك عن الكلام، ومنه (إني نذرت للرحمن صوماً) أي إمساكاً عن الكلام، وهو في الشرع الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وفي الآية توكيد للحكم وترغيب في الفعل وتطييب للنفس (كما كتب على الذين من قبلكم) من الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم، والمعنى أن الصوم عبادة قديمة ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم، لم يفرضها عليكم وحدكم.

واختلف المفسرون في وجه التشبيه ما هو، فقيل هو قدر الصوم ووقته، فإن الله كتب على اليهود والنصارى صوم رمضان فغيروا، وقيل هو الوجوب فإن الله أوجب على الأمم الصيام، وقيل هو الصفة أي ترك الأكل والشرب ونحوهما في وقت، فعلى الأول معناه أن الله كتب على هذه الأمة صوم رمضان كما كتبه على الذين من قبلهم، وعلى الثاني أن الله أوجب على هذه الأمة الصيام كما أوجبه على الذين من قبلهم، وعلى الثالث أن الله سبحانه أوجب على هذه الأمة الإمساك عن المفطرات كما أوجبه على الذين من قبلهم (لعلكم تتقون) المراد بالتقوى المحافظة عليها، وقيل تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة لأنها تكسر الشهوة وتضعف دواعي المعاصي كما ورد في الحديث أنه جنة وأنه وجاء (١).


(١) وتمام الحديث عن مسلم/١٤٠٠.
يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>