(أم يقولون افتراه) أنكر سبحانه عليهم قولهم إن ما أوحى إلى نوح مفترى ثم أمره أن يجيب بكلام منصف فقال (قل إن افتريته فعليَّ إجرامي) بكسر الهمزة مصدر أجرم أي فعل ما يوجب الإثم وجرم وأجرم بمعنى، قاله النحاس أي اكتسب الذنب وافتعله، والمعنى فعلّي إثمي أو جزاء كسبي، ومن قرأ بفتح الهمزة قال هو جمع جرم ذكره النحاس أيضاً.
قال قتادة: إجرامي أي عملي، والإجرام اكتساب السيئة واقترافها، يقال جرم جرماً أذنب والاسم منه الجرم بالضم والجريمة مثله، وأجرم هو الفاشي في الاستعمال، ويجوز جرم ثلاثياً، والمعنى إن كنت افتريته فعليّ عقاب جرمي، وإن كنت صادقاً وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب إلا أنه حذفت هذه البقية لدلالة الكلام عليها، ولا يدل ذلك على أنه كان شاكاً لأنه قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول (وأنا بريء مما تجرمون) أي من إجرامكم بسبب ما تنسبون إلى من الافتراء، قيل وفي الكلام حذف والتقدير لكن ما افتريته فالإجرام وعقابه ليس إلا عليكم وأنا بريء منه.
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية فقيل أنها حكاية عن نوح وما قاله لقومه، وقيل هي حكاية عن المحاورة الواقعة بين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكفار مكة قاله مقاتل، فعلى هذا تكون الآية معترضة في قصة نوح والأول أولى، لأن الكلام قبلها وبعدها مع نوح عليه السلام.