(إن الذين اتَّخذوا العجل) إلهاً عبدوه من دون الله (سينالهم غضب من ربهم) الغضب ما نزل بهم من العقوبة في الدنيا بقتل أنفسهم، وما سينزل بهم في الآخرة من العذاب (وذلَّة في الحياة الدنيا) الذلة هي التي ضربها الله عليهم بقوله: (ضربت عليهم الذّلة) وقيل هي إخراجهم من ديارهم، والأولى أن يقيدَّ الغضب والذلة بالدنيا لقوله:(في الحياة الدنيا) وإن ذلك مختص بالمتخذين للعجل إلهاً لا لمن بعدهم من ذراريهم، ومجرد ما أمروا به من قتل أنفسهم هو غضب من الله عليهم وبه يصيرون أذلاء وكذلك خروجهم من ديارهم هو من غضب الله عليهم وبه يصيرون أذلاء.
وأما ما نال ذراريهم من الذل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال ابن عباس وعطية العوفي فلا يصح تفسير ما في الآية به إلا إذا تعذر حمل الآية على المعنى الحقيقي، وهو لم يتعذر هنا، وقال ابن جريج: إن هذا الغضب والذلة لمن مات منهم على عبادة العجل ولمن فر من القتل، وهذا الذي قاله وإن كان له وجه لكن جميع المفسرين على خلاف ذلك.
(وكذلك) أي مثل ما فعلنا بهؤلاء (نجزي المفترين) أن نفعل بهم، عن أيوب قال هو جزاء كل مفتر يكون إلى يوم القيامة أن يذله الله، وقال سفيان بن عيينة: هذا في كل مبتدع إلى يوم القيامة، وقال مالك بن أنس: ما من مبتدع إلا وهو يجد ما فوق رأسه ذلة ثم قرأ هذه الآية قال: والمبتدع مفتر في دين الله اهـ.