(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ) أي: رجال منكم (مِنْ قَوْمٍ) تنكير القوم للتبعيض، وأن المعنى على الإفراد، وإن جاء النظم على الجمع لأن السخرية تقع في المجامع، قال الكرخي: إنه من نسبة فعل البعض إلى الجميع، لرضاهم به في الأغلب ولوجوده فيما بينهم، والسخرية الاستهزاء وحكى أبو زيد: سخرت به وضحكت به وهزأت به، وقال الأخفش: سخرت به وسخرت منه، وضحكت به ومنه وهزأت منه وبه كل ذلك يقال: والاسم السخرية والسخري بالكسر وبالضم لغة فيه، وقرىء بهما في قوله (ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً) ومعنى الآية النهي للمؤمنين عن أن يستهزىء بعضهم ببعض.
(عسى أن يكونوا خيراً منهم) علل النهي بأن يكون المسخور بهم عند الله خيراً من الساخرين بهم، فينبغي أن لا يجترىء أحد على الاستهزاء بمن تقتحمه عينه إذا رآه رث الحال، أو ذا عاهة في بدنه؛ أو غير لبق في محادثته، فلعله أخلص ضميراً وأتقى قلباً ممن هو على ضد صفته، فيظلم