(أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل) أم بمعنى بل وفي هذا توبيخ وتقريع أي سؤالاً مثل ما سئل موسى حيث سألوه أن يريهم الله جهرة إلى غير ذلك، وسألوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي بالله والملائكة قبيلاً، ورُويت في سبب نزول هذه الآية روايات لا نطول بذكرها (١).
(ومن يتبدل الكفر بالإيمان) أي يستبدل ويأخذه بدله بترك النظر في الآيات البينات واقتراح غيرها والباء للعوض كما استظهره السفاقسي لا للسبب، كما قال به أبو البقاء، قيل خطاب للمؤمنين أعلمهم أن اليهود أهل غش وحسد.
(فقد ضل سواء السبيل) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الطريق المستوي أي المعتدل أي الحق، ومعنى ضل أخطأ، وسواء هو الوسط من كل شيء قاله أبو عبيدة ومنه قوله تعالى:
(وفي سواء الجحيم) وقال الفراء: السواء القصد أي ذهب عن قصد الطريق وسمته أي طريق طاعة الله.
(١) أن رجلاً قال: يا رسول الله لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم لا نبغيها، ما أعطاكم الله، خير مما أعطى بني اسرائيل، كانوا إذا أصاب أحدهم الخطيئة؛ وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزياً في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزياً في الآخرة، فقد أعطاكم الله خيراً مما أعطى بني اسرائيل. فقال: (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه [ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً]) النساء: ١١٠. وقال: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن " فنزلت هذه الآية. قاله أبو العالية.