(سنلقي) بنون العظمة وهو التفات عن الغيبة في قوله (وهو خير الناصرين) وذلك للتنبيه على عظم ما يلقيه تعالى، وقرىء بالياء جرياً على الأصل (في قلوب الذين كفروا) قدم المجرور على المفعول به اهتماماً بذكر المحل قبل ذكر الحال (الرعب) بضم الراء والعين وسكونها وهما لغتان، ويجوز أن يكون مصدراً والرعب بالضم وبضم العين للاتباع، وأصله الملء يقال سيل راعب أي يملأ الوادي ورعبت الحوض ملأته فالمعنى سنملأ قلوب الكافرين رعباً أي خوفاً وفزعاً والإلقاء يستعمل حقيقة في الأجسام ومجازاً في غيرها كهذه الآية. وذلك أن المشركين بعد وقعة أحد ندموا أن لا يكونوا استأصلوا وقالوا بئسما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم. ارجعوا فاستأصلوهم، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به.
(بما أشركوا بالله) أي بسبب إشراكهم به تعالى (ما لم ينزل به) أي يجعله شريكاً له (سلطانا) حجة وبياناً وبرهاناً سميت الحجة سلطاناً لقوتها على دفع الباطل أو لوضوحها وإنارتها أو لحدّتها ونفوذها، والنفي يتوجه إلى القيد والمقيد أي لا حجة ولا إنزال، والمعنى أن الاشراك بالله لم يثبت في شيء من الملل (ومأواهم) مسكنهم (النار) بيان لأحوالهم في الآخرة بعد بيان أحوالهم في الدنيا (وبئس مثوى الظالمين) أي المسكن الذي يستقرون فيه.
وكلمة بئس تستعمل في جميع المذامّ وفي جعلها مثواهم بعد جعلها مأواهم رمز إلى خلودهم فيها فإن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث، والمأوى المكان الذي يأوي إليه الإنسان، وقدم المأوى على المثوى لأنه على الترتيب الوجودي يأوي ثم يثوي، قاله الكرخي.