(ولا يحزنك قولهم) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحزن من قول الكفار المتضمن للطعن عليه وتكذيبه والقدح في دينه، والمقصود تسلية له صلى الله عليه وسلم عما كان يلقاه من جهتهم من الأذية الناشئة عن مقالاتهم الموحشة، وتبشير له بأنه تعالى ينصره.
ثم استأنف سبحانه الكلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معللاً لما ذكره من النهي فقال:(إن العزة لله جميعاً) أي الغلبة والقدرة والقهر له في مملكته وسلطانه، ليست لأحد من عباده، وإذا كان ذلك كله له فكيف يقدرون عليك حتى تحزن لأقوالهم الكاذبة وهم لا يملكون من الغلبة شيئاً، ولا ينافي هذا ما في سورة المنافقين (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) لأن كل عزة بالله فهي كلها لله حقيقة لكن قد يظهرها على يد رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أيدي المؤمنين تكريماً وتعظيماً لهم؛ ومنه قوله:(كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إنّا لننصر رسلنا)(هو السميع) لما يقولون (العليم) بما يدبرون ويعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك.