(قال فإنها) أي الأرض المقدسة (محرمة عليهم) أي على هؤلاء العصاة بسبب امتناعهم من قتال الجبارين (أربعين سنة) ظرف للتحريم أي أنه محرم عليهم دخولها هذه المدة لا زيادة عليها فلا يخالف هذا التحريم، ما تقدم من قوله (التي كتب الله لكم) فإنها مكتوبه لمن بقي منهم بعد هذه المدة، وقيل إنه لم يدخلها أحد ممن قال إنا لن ندخلها فيكون توقيت التحريم بهذه المدة باعتبار ذراريهم.
وقيل إن أربعين سنة ظرف لقوله (يتيهون في الأرض) أي يتيهون هذا المقدار فيكون التحريم مطلقاً والمؤقت هو التيه، وهو في اللغة الحيرة يقال منه تاه يتيه تيهاً أو توها إذا تحيّر فالمعنى يتحيرون في الأرض، قيل إن هذه الأرض التي تاهوا فيها كانت صغيرة نحو ستة فراسخ كانوا يمسون حيث أصبحوا ويصبحون حيث أمسوا، وكانوا سيارة مستمرين على ذلك لا قرار لهم.
وقيل ستة فراسخ في اثني عشر فرسخاً، وقيل تسع فراسخ في ثلاثين فرسخاً، وكان القوم ستمائة ألف مقاتل.
واختلف أهل العلم هل كان معهم موسى وهرون أم لا؟ فقيل لم يكونا معهم، لأن التيه عقوبة، وقيل كانا معهم لكن سهل الله عليهما ذلك كما جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم.
وقد قيل كيف تقع هذه الجماعة من العقلاء في مثل هذه الأرض اليسيرة في هذه المدة الطويلة؟ قال أبو علي يكون ذلك بأن يحول الله الأرض التي هم عليها إذا ناموا إلى المكان الذي ابتدأوا منه، وقد يكون بغير ذلك من الأسباب