(كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) التشبيه واقع على أن النعمة في القبلة كالنعمة في الرسالة، وقيل معنى الكلام على التقديم والتأخير أي فاذكروني كما أرسلنا، قاله الزجاج وقيل غير ذلك، والتعبير بصيغة التكلم الدالة على العظمة بعد التعبير بالصيغة التي لا دلالة لها عليها من قبيل التفنن وجرياً على سنن الكبراء، وفيكم خطاب لأهل مكة والعرب وكذا قوله منكم، وفي إرساله رسولاً منهم نعمة عظيمة عليهم لما فيه من الشرف لهم، ولأن المعروف من حال العرب الأنفة الشديدة من الانقياد للغير، فكان بعثة الرسول منهم وفيهم أقرب إلى قبول قوله والانقياد له، والرسول هو محمد- صلى الله عليه وسلم -، والآيات القرآن وذلك من أعظم النعم لأنه معجزة باقية على الدهر، والتزكية التطهير من دنس الشرك والذنوب، وقيل محاسن الأعمال ومكارم الأفعال، والحكمة هي السنة المطهرة والفقه في الدين.
(ويعلمكم) من أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية وقصص الأنبياء والخبر عن الحوادث المستقبلة (ما لم تكونوا تعلمون) ذلك قبل بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتستقلون بعلمه بعقولكم.