(إلا ما شاء الله) استثناء مفرغ من أعم المفاعيل أي لا تنسى مما تقرأه شيئاًً من الأشياء إلا ما شاء الله أن تنساه، قال ابن عباس يقول إلا ما شئت أنا فأنسيك.
قال الفراء وهو لم يشأ سبحانه أن ينسى محمد صلى الله عليه وآله وسلم شيأ كقوله (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) وقيل إلا ما شاء الله أن تنسى ثم تذكر بعد ذلك فإذن قد ينسى ولكنه يتذكر ولا ينسى شيئاًً نسياناً كلياً، وقيل هو بمعنى النسخ أي إلا ما شاء الله أن ينسخه مما نسخ تلاوته وحكمه معاً، وأما ما نسخت تلاوته فقط أو حكمه فقط فلا يصح أن تنساه للاحتياج إلى تلاوته في الأول، وإلى حكمه في الثاني.
وقيل المعنى فلا تترك العمل إلا ما شاء الله أن تتركه لنسخه ورفع حكمه، وقيل إلا ما شاء أن يؤخر إنزاله، والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة والإيذان بدوران المشيئة على عنوان الألوهية المستتبعة لسائر الصفات.
(إنه يعلم الجهر وما يخفى) تعليل لما قبله أي يعلم ما ظهر وما بطن، والإعلان والإسرار، وظاهره العموم فيندرج تحته ما قيل أن الجهر ما حفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن، وما يخفى هو ما نسخ من صدره، ويدخل تحته أيضاًً ما قيل من أن الجهر هو إعلان الصدقة وما يخفى هو أخفاؤها.
ويدخل تحته أيضاًً ما قيل أن الجهر جهره صلى الله عليه وسلم بالقرآن مع قراءة جبريل مخافة أن يتفلت عليه، وما يخفى ما في نفسه مما يدعوه إلى الجهر.