(واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن) أي غيره (آلهة يعبدون) قال الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد أن جبريل قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم لما أسرى به فالمراد سؤال الأنبياء في ذلك الوقت عند ملاقاته لهم، وبه قال جماعة من السلف.
وقال المبرد والزجاج وجماعة من العلماء إن المعنى واسأل أمم من قد أرسلنا وبه قال ابن عباس ومجاهد والسدي والضحاك وقتادة وعطاء والحسن، وفائدة إيقاع السؤال على الرسل مع أن المراد أممهم التنبيه على أن المسؤول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل، لا ما تقوله علماؤهم من تلقاء أنفسهم، وعلى الأول هي مكية، وعلى الثاني مدنية.
ومعنى الآية على القولين سؤالهم هل أذن الله بعبادة الأوثان في ملة من الملل؟ وهل سوغ ذلك لأحد منهم؟ والمقصود تقريع مشركي قريش بأن ما هم عليه لم يأت في شريعة من الشرائع. وقيل ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم، والفحص عن مللهم، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء؟ وكفاه فحصاً ونظره في كتاب الله المعجز المصدق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها.
ولما أعلم الله سبحانه نبيه بأنه منتقم له من عدوه وذكر اتفاق الأنبياء على التوحيد، أتبعه بذكر قصة موسى وفرعون، وبيان ما نزل بفرعون وقومه من النقمة فقال: