(وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم) لما نزلت الآية المتقدمة في النهي عن الاستغفار للمشركين خاف جماعة ممن كان يستغفر لهم العقوبة من الله بسبب ذلك الاستغفار فأنزل الله الآية أي أن الله سبحانه لا يوقع الضلال على قوم ولا يسميهم ضلالاً بعد أن هداهم إلى الإسلام والقيام بشرائعه ما لم يقدموا على شيء من المحرمات بعد أن تبين لهم أنه محرم، وأما قبل أن يتبين لهم ذلك فلا إثم عليهم ولا يؤاخذون به؛ وهذا مثل قوله في آل عمران [بعد إذ هديتنا] وفيه وجهان أي بعد أن هداهم أو بعد وقت هداهم فيه يعني إذ بمعنى أن أو أنها ظرف بمعنى وقت.
(حتى يبين لهم ما يتقون) أي ما يجب عليهم اتقاؤه من محرمات الشرع وقال الضحاك: ما يأتون وما يذرون، وقال مقاتل والكلبي: هذا قي المنسوخ أي ما كان الله ليبطل عمل قوم قد عملوا بالمنسوخ حتى يبين الناسخ، قال ابن عباس: نزلت حين أخذوا الفداء من المشركين يوم الأسارى قال: لم يكن لكم أن تأخذوه حتى يؤذن لكم ولكن ما كان الله ليعذب قوماً بذنب أذنبوه حتى يبين لهم ما يتقون أي ينهاهم قبل ذلك.
وقال مجاهد: بيان الله للمؤمنين في ترك الاستغفار للمشركين خاصة وبيانه لهم في طاعته ومعصيته عامة فافعلوا أو اتركوا (إن الله بكل شيء عليم) مما يحل لعباده ويحرم عليهم ومن سائر الأشياء التي خلقها ومنه مستحق الإضلال والهداية.