(ولا تقتلوا أولادكم) خطاب للموسرين بدليل قوله (خشية إملاق) أي فاقة وفقر يقع بكم يقال أملق الرجل إذا لم يبق له إلا الملقات وهي الحجارة العظام الملس، يقال أملق إذا افتقر وسلب الدهر ما بيده، نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر، وقد كانوا يفعلون ذلك؛ وقد تقدم في سورة الأنعام نهي المعسرين بقوله (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق).
وفي الكرخي حاصله أن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو من سوء الظن بالله، وإن كان لأجل الغيرة على البنات فهو سعي في تخريب العالم فالأول ضد التعظيم لأمر الله، والثاني ضد الشفقة على خلق الله وكلاهما مذموم.
ثمّ بيّن أن خوفهم من الفقر حتى يبلغوا بسبب ذلك إلى قتل الأولاد لا وجه له فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده يرزق الأبناء كما يرزق الآباء فقال (نحن نرزقهم وإياكم) ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع، ثم علل سبحانه النهي عن قتل الأولاد لذلك بقوله (إن قتلهم كان خطأً