(أفأمنوا مكر الله) الاستفهام للتقريع والتوبيخ وإنكار ما هم عليه من أمان ما لم يؤمن من مكر الله بهم وعقوبته لهم، وفي تكرير هذا الاستفهام زيادة تقرير لإنكار ما أنكره عليهم، وقيل مكر الله استدراجه إياهم بما أنعم عليهم من الدنيا والنعمة والصحة، والأولى حمل الآية على ما هو أعم من ذلك.
ثم بين حال من أمن مكر الله فقال (فلا يأمن مكر الله) المكر الاحتيال والخديعة والمراد بمكر الله هنا فعل ما يعاقب به الكفرة على كفرهم، وأضيف إلى الله لما كان عقوبة على ذنبهم، فإن العرب تسمى العقوبة على أي وجه كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة، وهذا نص في قوله (ومكروا ومكر الله) قاله ابن عطية.
قلت وهو تأويل حسن وأنه من باب المقابلة أيضاً والفاء في قوله (فلا يأمن) للتنبيه على أن العذاب يعقب أمن مكر الله (إلا القوم الخاسرون) أي الذين أفرطوا في الخسران ووقعوا في وعيده الشديد حتى صاروا إلى النار، قال الشبلي: مكره بهم تركه إياهم على ما هم عليه.