(يا بنيَّ إنها) الضمير عائد إلى الخطيئة، لما روي أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد هل يعلمها الله؟ فقال إنها أي الخطيئة (إن تك) بالفوقية على معنى إن تك الخطيئة، أو المسألة أو الخصلة أو القصة (مثقال) قرئ بالنصب على أنه خبر كان، واسمها هو أحد تلك المقدرات، وقرئ بالرفع على أنه اسم كان وهي تامة وأنث الفعل في هذه القراءة لإضافة مثقال إلى المؤنث أي: زنة (حبة من خردل) والجملة الشرطية مفسرة للضمير، قال الزجاج: التقدير أن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة من جنس الخردل، وعبر بالخردلة لأنها أصغر الحبوب، ولا يدرك ثقلها بالحس، ولا ترجح ميزاناً، ثم زاد في بيان خفاء الحبة مع خفتها وصغرها فقال:
(فتكن في صخرة) فإنها عند كونها في الصخرة قد صارت في أخفى مكان وأحرزه، قرئ فتكن بضم الكاف، ومن الكن الذي هو الشيء المغطى قال السدي: هذه الصخرة هي صخرة ليست في السماوات والأرض، وقال ابن عباس: صخرة تحت الأرضين السبع، وهي التي تكتب فيها أعمال الفجار، وهي السجين. وخضرة السماء منها، وقيل: غير ذلك.
(أو في السماوات أو في الأرض) أي حيث كانت من بقاع السماوات أو بقاع الأرض، أي: في أخفى مكان من ذلك، فالأخفى من الصخرة كأن تكون في صخرة تحت الأرضين السبع، والأخفى من السماوات كأن تكون في أعلاها، والأخفى من الأرض كأن تكون في أسفلها.
(يأت بها الله) أي: يحضرها يوم القيامة، ويحاسب فاعلها عليها (إن الله لطيف) باستخراجها لا تخفى عليه خافية، بل يصل علمه إلى كل خفي (خبير) بمكانها، وبكل شيء لا يغيب عنه شيء، ومعنى الآية الإحاطة بالأشياء صغيرها وكبيرها.