(وما يؤمن) أي ما يصدق (أكثرهم) أي أكثر الناس (بالله) من كونه الخالق الرازق المحيي المميت (إلا وهم مشركون) بالله يعبدون معه غيره.
أقول إن إيضاح ما تضمنه هذه الآية يتوقف على إيضاح ما ذكره أهل التفاسير المعتبرة وينحصر ذلك في وجوه اثني عشر، وينضم إلى ذلك ما ذكرته أنا فيكون الوجوه ثلاثة عشر.
الوجه الأول: أن أهل الجاهلية كانوا يقرون بأن الله سبحانه خالقهم ورازقهم ويعبدون غيره من أصنامهم وطواغيتهم، قال تعالى:(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) لكنهم كانوا يثبتون له شركاء فيعبدونهم ليقربوهم إلى الله كما قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) ومثل هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله والمعتقدون في الأموات بأنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه كما يفعله كثير من عباد القبور.
فهذا الإقرار الصادر منهم بأن الله عز وجل خالقهم ورازقهم هو يصدق عليه أنه إيمان بالمعنى الأعم أي تصديق لا بالمعنى الأخص أعني إيمان المؤمنين، فهذا الإيمان الصادر منهم واقع في حال الشرك فقد آمنوا حال كونهم مشركين، وإلى هذا الوجه ذهب جمهور المفسرين، ولكنهم لم يذكروا ما ذكرناه