(وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) أي عزمت على الإتيان بما رأيته، قال المفسرون: لما أضجعه للذبح نودي من الجبل يا إبراهيم الخ وجعله مصدقاً بمجرد العزم، وإن لم يذبحه لأنه قد أتى بما أمكنه، والمطلوب استسلامهما لأمر الله، وقد فعلا. قال القرطبي: قال أهل السنة: إن نفس الذبح لم يقع ولو وقع لم يتصور رفعه، فكان هذا من باب النسخ قبل الفعل، لأنه لو حصل الفراغ من امتثال الأمر بالذبح ما تحقق الفداء، قال: ومعنى صدقت الرؤيا فعلمت ما أمكنك، ثم امتنعت لما منعناك، هذا أصح ما قيل في هذا الباب، وقالت طائفة: ليس هذا مما ينسخ بوجه لأن معنى ذبحت الشيء قطعته، وقد كان إبراهيم يأخذ السكين فيمر بها على حلقه فتنقلب كما قال مجاهد.
وقال بعضهم: كان كلما قطع جزءاً التأم وقالت طائفة منهم السدي: ضرب الله على عنقه صفحة نحاس فجعل إبراهيم يحز ولا يقطع شيئاً وهذا كله جائز في القدرة الإلهية، لكنه يفتقر إلى نقل صحيح فإنه أمر لا يدرك بالنظر وإنما طريقه الخبر، ولو كان قد جرى ذلك لبينه الله تعظيماً لرتبة إسماعيل وإبراهيم وكان أولى بالبيان من الفداء.
وقال بعضهم: إن إبراهيم ما أمر بالذبح الحقيقي الذي هو فري الأوداج وإنهار الدم، وإنما رأى أنه أضجعه للذبح فتوهم أنه أمر بالذبح الحقيقي فلما أتى بما أمر به من الاضجاع قيل له: قد صدقت الرؤيا وهذا كله خارج عن المفهوم. ولا يظن بالخليل والذبيح أن يفهما من هذا الأمر ما ليس له حقيقة، حتى يكون منهما التوهم، وأيضاًً لو صحت هذه الأشياء لما احتيج إلى الفداء.
أخرج الطبراني عن ابن عباس قال: " لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحق