(ولا تقربوا الزنا) قربت الأمر أقربه من باب تعب وفي لغة من باب قتل قرباناً بالكسر فعلته أو دانيته ومن الأول هذه الآية، ومن الثاني لا تقرب الحمى أي لا تدن منه، وفي النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كان حراماً كان المتوسل إليه حراماً بفحوى الخطاب، والزنافيه لغتان المد والقصر.
ثم علل النهى عن الزنا بقوله (إنه كان فاحشة) أي قبيحاً متبالغاً في القبح مجاوزاً للحد شرعاً وعقلاً (وساء سبيلاً) أي بئس طريقاً طريقه وذلك لأنه يؤدي إلى النار ولا خلاف في كونه من كبائر الذنوب.
وقد ورد في تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم وهو يشتمل على أنواع من المفاسد منها المعصية وإيجاب الحد على نفسه ومنها اختلاط الأنساب فلا يعرف الرجل ولد من هو ولا يقوم أحد بتربيته، وذلك يوجب ضياع الأولاد وانقطاع النسل، وذلك يوجب خراب العالم.
وعن السدي في الآية قال: يوم نزلت هذه لم تكن حدود فجاءت بعد ذلك الحدود في سورة النور، وعن أبىّ بن كعب قال: ساء سبيلاً إلا من تاب فإن الله كان غفوراً رحيماً فذكر لعمر فأتاه فسأله فقال: أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع.