(وأنه كان رجال) في الجاهلية (من الإنس يعوذون) أي يستعيذون (برجال من الجن) حين ينزلون في سفرهم بمخوف، قال الحسن وابن زيد وغيرهما: كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في جواره حتى يصبح، فنزلت هذه الآية، قال مقاتل: كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ثم من بني حنيفة ثم فشا ذلك في العرب، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.
وعن عكرمة بن أبي السائب الأنصاري " قال خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملاً من الغنم فوثب الراعي فقال يا عامر الوادي أنا جارك، فنادى مناد يا سرحان أرسله فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم، وأنزل الله على رسوله بمكة (وأنه كان رجال) الآية وذكر ابن الجوزي في تفسيره بغير سند. (١)
(١) ذكر هذا الحديث ابن كثير في التفسير من رواية ابن أبي حاتم، وفي سنده عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ٧/ ١٢٩ وقال: رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف، قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " في ترجمة " كردم بن أبي السائب " بعد ما ساق حديثه هذا من رواية العقيلي من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن كردم بن أبي السائب: وأخرجه ابن مردويه في " التفسير " من هذا الوجه، وأخرج له شاهداً من حديث معاوية بن قرة عن أبيه. وأورده السيوطي في " الدر " ٦/ ٢٧١ وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي الشيخ في " العظمة " وبأن عساكر عن كدرم بن أبي السائب الأنصاري رضي الله عنه. قال ابن كثير: وروي عن عبيد بن عمير، ومجاهد، وأبي العالية، والحسن، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي نحوه، ثم قال: وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل وهو ولد الشاة، كان جنياً حتى يرهب الإنسي ويخاف منه، ثم ردَّه عليه لما استجار به ليضله ويخرجه عن دينه، والله أعلم. اهـ.