للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) مقررة لمضمون ما قبلها أي: إن شأن الذين يتقون الله وحالهم هو التذكر لما أمر الله به من الاستعاذة والالتجاء إليه عند أن يمسهم طائف من الشيطان وإن كان يسيراً وقرئ طيف مخففاً ومشدداً قال النحاس: كلام العرب في مثل هذا طيف بالتخفيف على أنه مصدر من طاف يطيف، وقال الكسائي هو مخفف مثل ميت وميت.

قال النحاس: ومعناه في اللغة ما يتخيل في القلب أو يرى في النوم وكذا معنى طائف وقيل معنيان مختلفان فالأول التخيل، والثاني الشيطان نفسه فالأول من طاف الخيال يطوف طيفاً، ولم يقولوا من هذا طائف، قال السهيلي: لأنه تخيل لا حقيقة له وأما قوله (فطاف عليهم طائف من ربك) فلا يقال فيه طيف لأنه اسم فاعل حقيقة.

قال الزجاج: طفت عليهم أطوف وطاف الخيال يطيف، وسميت الوسوسة والجنون والغضب طيفاً لأنها لمة من الشيطان تشبه لمة الخيال.

وذكر في الآية الأولى النزغ وهو أخف من الطيف لأن حالة الشيطان مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أضعف من حاله مع غيرهم، وقال ابن عباس: الطيف الغضب، وقرأ سعيد بن جبير تذكروا بتشديد الذال قال النحاس: ولا وجه له في العربية، وقال السدي: تذكروا أي إذا زلوا تابوا، وقيل معناه عرفوا ما حصل لهم من وسوسة الشيطان وكيده، وقال سعيد بن جبير: هو الرجل يغضب فيذكر الله فيكظم، وقال مجاهد: هو الرجل يلم بالذنب فيذكر الله فيقوم ويدعه.

(فإذا هم) بسبب التذكر (مبصرون) أي منتهون عن المعصية آخذون

<<  <  ج: ص:  >  >>