(قالوا اتخذ الله ولداً) هذا نوع آخر من أباطيل المشركين أو أهل الكتاب التي كانوا يتكلمون بها وهو زعمهم بأن الله سبحانه اتخذ وتبنى ولداً فرد ذلك عليهم بقوله: (سبحانه) فتنزه جل وعلا عما نسبوه إليه من هذا الباطل البين وكلمتهم الحمقاء، وبين أنه (هو الغني) عن ذلك، وأن الولد إنما يطلب لأجل الحاجة، والغنى المطلق لا حاجة له حتى يكون له ولد يقضيها، وإذا انتفت الحاجة انتفى الولد، وأيضاً إنما يحتاج إلى الولد من يكون بصدد الانقراض ليقوم الولد مقامه، والأزلي القديم لا يفتقر إلى ذلك، وقد تقدم تفسير الآية في البقرة.
ثم بالغ في الرد عليهم بما هو كالبرهان فقال:(له ما في السماوات وما في الأرض) وإذا كان الكل له وفي ملكه فلا يصح أن يكون شيء مما فيهما ولداً له للمنافاة بين الملك والبنوة والأبوة.
ثم زيف دعواهم الباطلة وبين أنها بلا دليل فقال (إن) أي ما (عندكم من سلطان) حجة وبرهان (بهذا) القول الذي تقولونه ومن زائدة للتأكيد؛ ثم وبخهم على هذا القول العاطل عن الدليل الباطل عند العقلاء (أتقولون على الله ما لا تعلمون) استفهام توبيخ ويستفاد من هذا أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم في شيء بل من الجهل المحض.
ثم أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لهم قولاً يدل على أن ما قالوه كذب، وأن من كذب على الله لا يفلح فقال: