(وما يستوي البحران هذا) أي أحدهما (عذب فرات) شديد العذوبة (سائغ شرابه) مريء يسهل انحداره في الحلق لعذوبته (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة، وقيل هو الذي يحرق الحلق بملوحته فالمراد بالبحرين: العذب والمالح، فالعذب الفرات: الحلو، والأجاج: المر، وقرىء سيغ مشدداً وقرىء ملح بفتح الميم، وقيل: المقصود من الآية ضرب مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر.
(ومن كل) منهما (تأكلون لحماً طرياً) وهو ما يصاد منهما من حيواناتهما التي تؤكل، وهذا وما بعد ذلك إما استطراداً في صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع، وإما تكملة للتمثيل، والمعنى كما أنهما وإن اشتركا في بعض الفوائد لا يتساويان من حيث إنهما متفاوتان فيما هو المقصود بالذات من الماء، لما خالط أحدهما ما أفسده، وغيره عن كمال فطرته، كذلك لا يساوي الكافر المؤمن، وإن شاركه في بعض الصفات كالشجاعة والسخاوة ونحوهما لتباينهما فيما هو الخاصية العظمى لبقاء أحدهما على فطرته الأصيلة وحيازته لكماله اللائق دون الآخر، أو تفضيل للأجاج على الكافر من حيث إنه يشارك العذب في منافع كثيرة، والكافر