(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) أي أذكر صبرهم على ما أصابهم تتأس بهم، قرأ الجمهور عبادنا بالجمع، وقرىء بالإفراد؛ فعلى قراءة الجمهور يكون إسحق وإبراهيم ويعقوب عطف بيان، وعلى القراءة الأخرى يكون إبراهيم عطف بيان، وما بعده عطف على عبدنا لا على إبراهيم، وقد يقال لما كان المراد بعبدنا الجنس جاز إبدال الجماعة منه، وقيل إن إبراهيم وما بعده بدل، أو النصب بإضمار أعني، وعطف البيان أظهر وقراءة الجمهور أبين، وقد اختارها أبو حاتم وأبو عبيدة.
(أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) الأيدي جمع اليد أي الجارحة فكني بذلك عن الأعمال لأن أكثر الأعمال إنما يزاول باليد، وقيل جمع اليد التي بمعنى القوة والقدرة، قال قتادة أعطوا قوة في العباد ونصراً في الدين قال الواحدي وبه قال مجاهد وسعيد بن جبير والمفسرون قال النحاس أما الأبصار فمتفق على أنها البصائر في الدين والعلم وأما الأيدي فمختلف في تأويلها فأهل التفسير يقولون إنها القوة في الدين، وقوم يقولون الأيدي جمع يد، وهي النعمة أي هم أصحاب النعم الذين أنعم الله عز وجل عليهم وقيل هم أصحاب النعم على الناس والإحسان إليهم لأنهم قد أحسنوا وقدموا خيراً واختار هذا ابن جرير، قرأ الجمهور الأيدي بإثبات الياء وقرىء بغير ياء فقيل معناها معنى الأولى وإنما حذفت الياء لدلالة كسرة الدال عليها وقيل الأيد القوة إلا أن الزمخشري قال وتفسيره بالأيد من التأييد قلق غير متمكن انتهى وكأنه إنما قلق عنده لعطف الابصار عليه. فهو غير مناسب للأيد من التأييد وقد يقال إنه لا يراد حقيقة الجوارح إذ كل أحد كذلك إنما المراد الكناية عن العمل الصالح والتفكر ببصيرته فلم يقلق حينئذ إذ لم يرد حقيقة الابصار وكأنه قيل أولي القوة والتفكر بالبصيرة، وقد نحا الزمخشري إلى شيء من هذا قبل ذلك، قاله السمين، قال ابن عباس القوة في العبادة والأبصار، الفقه في الدين؛ وعنه قال الأيدي النعمة وقيل أولى الأعمال الجليلة، والعلوم الشريفة فعبر بالأيدي عن الأعمال وبالابصار عن المعارف لأنها أقوى مباديها.