قال: نعم بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجراً غيره فأتت أيوب فذكرت له ذلك، فقال: ويحك ذاك الشيطان، لله عليَّ إن شفاني الله أن أجلدك مائة جلدة، فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثاً فيضربها به، فأخذ عذقاً فيه مائة شمراخ فضربها به ضربة واحدة (١).
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال " حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها: ممن حملك؟ قالت من فلان المقعد، فسئل المقعد فقال: صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا عثكولاً فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة. وله طرق أخرى.
وقد اختلف العلماء هل هذا خاص بأيوب أو عام للناس كلهم؟ وأن من حلف خرج من يمينه بمثل ذلك؟ قال الشافعي: إذا حلف ليضربن فلاناً مائة جلدة أو ضرباً ولم يقل ضرباً شديداً ولم ينو بقلبه فيكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية حكاه ابن المنذر عنه، وعن أبي ثور وأصحاب الرأي، وقال عطاء هو خاص بأيوب، ورواه ابن القاسم عن مالك، ثم أثنى الله سبحانه على أيوب فقال:
(إنا وجدناه) أي علمناه (صابراً) على البلاء الذي ابتليناه به فإنه ابتلي بالداء العظيم في جسده وذهاب ماله وولده وأهله فصبر وليس في شكواه إلى الله إخلال بذلك فإنه ليس جزعاً تمني العافية وطلب الشفاء، والشكاية المذمومة إنما هي إذا كانت للمخلوقين، قال ابن مسعود أيوب رأس الصابرين يوم القيامة.
(نعم العبد) أي أيوب (إنه أواب) أي رجاع إلى الله تعالى بالاستغفار والتوبة.
(١) انظر ما كتبه ابن الجوزي في كتابه زاد السير ٧/ ١٤٣.