(ربنا لا تزغ قلوبنا) قال ابن كيسان سألوا أن لا يزيغوا فتزيغ قلوبهم نحو قوله تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) كأنهم لما سمعوا قوله تعالى (وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) قالوا ربنا لا تزغ قلوبنا باتباع المتشابه (بعد إذ هديتنا) إلى الحق بما أذنت لنا من العمل بالآيات المحكمات.
(وهب لنا من لدنك رحمة) أي كائنة من عندك، ومن لابتداء الغاية ولدن بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وفيه لغات أخر هذه أفصحها، وهو ظرف مكان وقد يضاف إلى الزمان، وتنكير رحمة للتعظيم أي رحمة عظيمة واسعة تزلفنا إليك ونفوز بها عندك، أو توفيقاً للثبات على الحق أو مغفرة للذنوب (إنك أنت الوهاب) لكل مسؤول تعليل للسؤال أو لإعطاء المسؤول.
وهذا العموم مفهوم من عدم ذكر الموهوب، فالتخصيص بموهوب مسؤول دون آخر تخصيص بلا مخصص، وفيه دليل على أن الهدى والضلال من الله وأنه متفضل بما ينعم به على عباده لا يجب عليه شيء لأنه وهاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ثم قرأ (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)(١) الآية " وقد ورد نحوه من طرق أخر.