(أمن يجيب المضطر إذا دعاه)؟ هذا الاستدلال منه سبحانه بحاجة الإنسان إليه على العموم والمضطر اسم مفعول من الاضطرار، وهو افتعال من الضرورة، وهي الحاجة المحوجة إلى اللجأ، يقال: اضطره إلى كذا، والمضطر هو المكروب المجهود، الذي مسه الضر ولا حول له ولا قوة، وقيل هو المذنب إذا استغفر، وقيل: هو المظلوم إذا دعا، أو من رفع يديه ولم ير لنفسه حسنة غير التوحيد، وهو منه على خطر، وقيل: هو الذي عراه ضر من فقر، أو مرض، أو نازلة من نوازل الدهر، فألجأه إلى التضرع إلى الله.
والألف واللام في (المضطر) للجنس لا للاستغراق، فقد لا يجاب دعاء بعض المضطرين، لمانع يمنع من ذلك بسبب يحلله العبد، يحول بينه وبين إجابة دعائه، وإلا فقد ضمن الله سبحانه إجابة دعاء المضطر إذا دعاه وأخبر بذلك عن نفسه، والوجه في إجابة دعاء المضطر أن ذلك الاضطرار الحاصل له يتسبب عنه الإخلاص، وقطع النظر عما سوى الله.
وقد أخبر الله سبحانه بأنه يجيب دعاء المخلصين له الدين، وإن كانوا كافرين، فقال (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وقال: (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) فأجابهم عند ضرورتهم وإخلاصهم مع علمه بأنهم سيعودون إلى شركهم.
(ويكشف السوء)؟ الذي يسوء العبد من غير تعيين وقيل: هو الضر وقيل: هو الجور وهذا من عطف العام على الخاص.
(ويجعلكم خلفاء الأرض)؟ أي: يحلف كل قرن منكم القرن الذي